وكُتمَ هباءُ الليل الغاسق لتُبثَّ بوارق الفجر الكاذب ,
أهدابه متجمعةٌ كأسهمِ بؤسٍ ونذيرٍ بالشؤم لمقدسٍ من البشَر !
تغتال أشعةُ الشمسُ المشاكسة دموعَها المتكورة
عبراتُها لآلئ تودق من عينين كالدُرر
ألماستان ساعة السحر
زهرُ الشجر
عطرٌ وبطر
وريحانتانِ أخَر !
نالَ الشيبُ من رأسهَا ما نَال
ورسُمَ الوقَار منها في كلِّ بنَان
وفي محياها حمرةُ غضبان
لكن تآلفَت فِيه الهمُوم والأشجَان !
لا تغلقِي عينيكِ سيدتِي
لكن أغلقي فاهكِ المكوهد
وخبئي لسانك,
فلئن نطقت شفتيك
إن أطاقت -ولن تقدر-
لفظَت النيرانَ قهرًا
وتصدقت ,
بالقلب المكفهِر
والكبد المتفحمة
والروح المشيبة
وأعدَت وليمةً تتراقصُ عليهَا الأفئِدة
وتحيِي حضورهَا معاشر الرزايا
على رُدينة ,
حبيبةِ العمران .. ~
أماهُ هل تبكين .. ؟
أسموهُ شهرَ العسَل
شهرَ الكبتِ والسأَم
وهل أبصرنَا منهُ سوى الضنَى والعجَب ؟ !
ونبالُ المصائب, والتعَب
قالت والدمع يغرقها:
فالتُسموهُ شهرَ العذَاب
ولُقيا المنيةِ بلا إيَاب .
أمَّاه أين بنتُكِ ؟
إنهَا بالفُستانِ الأبيضِ تطِير
وتحلِّق , فِي عنانِ السمَاء
في فرَحها
قلتِ شيئًا كذا بفخر
وعيناكِ ترقبانِ زهرةَ العُمر
أفتُريدينَ منهَا أن تهبطَ للأرضِ وتسِير ؟
حاشاهَا يا أمَّاه ! , حاشَاهَا !!
ردينةُ فلذة كبدِك لم تعُد بينَنا الآن
كقافلةِ البُشرى ميارةٌ علينَا بالخيَرات
أوصدَت أبوابَ التشاءمِ بعصامية ما ضحلت حتىالممات
وغنَّت
إنِي بالنَّعشِ عرُوس .. إنِي بالنَّعشِ عرُوس !
كيف حالُ قلبك ؟
بالأبيضِ تزيَّت حبيبةُ قلبكِ سيدتِي
فِي عُرسها الأوَّل
بكينَا فرحًا
وتصافقَت أرواحنَا بهجةً وبطرًا !
وفِي عُرسِها الأخِير
بكينَا ألمًا وقهرًا
وكلاهما بكاءٌ
وكم زهدنَا بالدمُوع !
بكينَا والدمع يغرق مآقينا
بكينا
والموت يلفظ مآسينا
بكينا
وما عاد في العمر لذات تواسينا
.
.
{ أماهُ إنِي بالنعشِ عروس ..
وما ألمَّ بِي من ضنى قبلَ الممَات ..
إن هُو إلا من الخيرَات ,
بركة , تكفِير , وأجرُنا كبير ..
تعليقات
إرسال تعليق