اللغة ذاكرة الشعوب .

اللغة هي الوعاء الذي ينقل ميراث الشعوب وتقاليدها وعاداتها.لذلك فإنها تعتبر الأداة الأقوى لحفظ تراث الشعوب. 
اللغة هي أداة الاتصال بين الماضي والحاضر ولا يستطيع الإنسان مهما كان أن يقف على كنوز الفكر الإنساني من تاريخ وشعر ونثر بدون اللغة . فاللغة لها وظائف للفرد ووظائف للمجتمع . وهي جزء لا يتجزأ من السيادة، والحفاظ على اللغة هو حماية لهذه السيادة
انَّ الإنسان في جوهره ليس سوى لغة و هوية، اللغة فكرُه ولسانه، وفي الوقت نفسه انتماؤه، الوقت نفسه انتماؤه، وهذه الأشياء هي وجهه وحقيقته وهويته، وشأن الجماعة، أو الأمة هو شأن الفرْد، لا فرق بينهما.

هناك أكثر من 50% من اللغات الحية معرضة للاندثار في غضون بضعة أجيال .وهناك فئة قليلة من الناس لا تتخطى 40%  يتحدثون بلغتهم الأم .
ولأن اللغة هي ذاكرة الشعوب وهي التي تحفظ تاريخ الأجيال ينبغي على الشعوب حفظ لغتها واستخدامها . في الآونة الأخيرة العديد من الدول تراجعت ببطئ لاستخدام لغتها الأم وذلك بسبب النظام العالمي الذي يرفض صياغة العالم الجديد المتعدد الأقطاب والثقافات والذي دائما ما يسعى لفرض اللغة الأقوى، بحكم قوة الفعل السياسي والثقل العلمي والتقاني والاقتصادي، على المجتمعات الإنسانية .
 تم اختيار تاريخ 21 فبراير من كل عام احتفالاً باللغة الأم من قبل منظمة اليونسكو حتى تلفتَ فيه الانتباهَ إلى دور اللغات في نقل المعرفة، وتعزيز التعدّد اللغوي والثقافي بين الشعوب والجماعات الإنسانية. يهدف هذا اليوم العالمي إلى  إبراز أهمية التنوّع اللغوي في العالم، في عصر هيمنت فيه ظاهرة الحداثة ، وكذلك حماية مقومات هوية شعوب.


قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ}.
من كمال قدرة الله وعنايته بعباده ورحمته بهم أن قدر اختلاف ألسنتهم لئلا يقع التشابه فيحصل الاضطراب وتفوت المقاصد.
 اللغة ليست  رموز صوتية مكتسبةٌ، بها تستطيع الجماعات أن يتفاهموا ويتفاعلوا فقط وليست مجرد وعاء لفظي يحلّ فيه الفكر .
بل إن اللغة شعار الأمم ووعاء ثقافتها ومرآة حضارتها .واللغة من أهم الأركان التي تعتمد عليها الحضارات . 
 ومن أهم العوامل التي تؤدِّي إلى تشكيل هويات الأمم، وكلما كانت اللغة أكثر اتصالاً بثقافة الشعوب كانت أقدر على تشكيل هويتها.
فإذا سادة اللغة القومية لأي أمة  أصبح  لديها خصوصية ثقافية 
وتتمتع  بتنمية اقتصادية واجتماعية ناجحة دائمة .
كما أن الاستقلال الوطني أو القومي لا يكون من دون سيادة اللغة الوطنية أو القومية، وهذه حقائق مُسلَّمة بها تاريخياً .
وعلى ذلك فاللغات شعار الأمم وِعَاءُ فكْرِهَا، ومرآة عقلها، وحاضنةُ قِيَمِها، وحاملة تجارب أهلها وخبرتهم وحكمتهم وبصيرتهم وفلسفتهم، وهي الصلةُ بين حاضرهم وماضيهم، وهي الجسر للعبور إلى مستقبلهم، وهي اللحمة المؤدية إلى تفاعل أهلها وتماسكهم وصيانة وحدتهم، وهي عنوان شخصيتهم.

تعليقات

  1. ماشاءالله مقال رائع بإسلوب منمق يضيء بالابداع يدل على كاتب مثقف

    ردحذف
  2. أكثر من رائع .. كم يبهرني الكلام عن اللغة لاسيما من النساء العربيات

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سؤدة الموبوئين ~

الجزء الثالث من رواية " أنا مريم"