الجزء الخامس من رواية " أنا مريم "
أنا مريم
الجزء الخامس.
الرائع في الساعة انها الثالثة فجراً، الرائع في الباب أنني لا أستطيع الوصول إليه ، لا أشعر بالرغبة في استخدام صوتي ، معدتي ممتلئة جداً ؛ بالرغم من أنني لم أتناول شيئاً منذ البارحة ، الرائع في الماء أنه كان بارداً ، الرائع في يداي أنهما دافئتين ، بقيت على هذا الشعور ، أتأمل وأسرح في خيالاتي ، لم أرتل القرآن كعادتي ، بقيت كذلك إلى أن سمعت صوت عذب نديّ ، أبدو وكأنني رضيع أذن في أذنه فسمع الآذان لأول مرة فهجع من بكائه واطمئن أن لا تخف لأن الله أكبر من كل شيء ، كمثله أنا لي ميلاد جديد مع كل أذان أولد مرة أخرى ، الوجود تائم لا حركة فيه حزين يشغاه القنوط ، يبدو الصوت كمورفين يسري في أوردة مريض ، فيبدد الآلم ، توضأت وصليت ، ولكنني عدت للنوم على غير عادتي ، استيقظت في التاسعة صباحاً ، فتحت نافذة غرفتي واستندت على وسادتي كي تصلني أشعة الشمس ، مددت قدماي ، لأترك روحي تتغذى على ضوء الشمس ، وأستعيد قوتي التي ضاعت في رحلة قصيرة من هذا العالم، وبينما أنا أُحرك قدماي ببطئ يميناً ويساراً، شرقاً وغرباً، إندمجت في مراقبة تلك الذرات التي تتحرك مع خيوط الشمس المتسللة حاولت مسكها وهي تدخل من النافذة ، لأنها تتلاشى وتنتحرف عندما تصل إليّ ، حاولت مسكها و لكنها سراب راحل ، وقعت يدي على قدمي، كان مؤلم ، تأوهت من الألم ، رفعت يدي سريعاً ، رأيت جرحاً جف دمه في قدمي اليسرى ، فصرخة من من شدة الألم صرخة لا أكاد أسمعها ، بل ابتلعتها في معدتي الممتلئة ، نبشت قدمي ، عفواً نبشت قدماي ، لأرى هل هناك جرح أخر ، مهلاً ، لم يكن جرحاً واحداً ، كانت جروحاً كثيرة في قدماي ، وكلما اكتشف جرحاً واحد أتألم أكثر وأبلع الألم والعبرات في معدتي الممتلئة ، لا أدري من أين جاءت هذه الجروح ومن تسبب بها ، كعادة المجرم يرحل عن الجريمة ، أتأمل الجروح ، شكلها ، موضعها ، طولها ، عرضها ، عمقها ، لاحظت أن الدم جاف ، جف الدم في قدماي ، شكل الجروح وهيئتها يوحي أنه قد مرت ساعات طوال على موعد إرتكاب الجريمة ، ولكنني لم أمت ما زلت أتنفس ، لا أدري لماذا لم أشاهد كل هذه الجروح عندما كنت أتوضأ ، على أية حال صلاتي باطلة ..
يتبع في الجزء السادس
أعتذر لوجود أي أخطاء إملائية أو لغوية
تعليقات
إرسال تعليق