البيئة البحرية




 
البيئة البحرية ..

بين طيات رمل تنام على السواحل تعاند البحار وأمواج يستضيفها الشاطئ ليعلن الجمال وصيادٍ قد مضى مسارعاً بقاربه نحو المراد وغواص قد انطلق مهمهماً في عمق البحار .هنا يكتنز جمال عمان في شواطئ تمتد لمسافة 3265 كم برونقها الجمالي ،ومواردها الطبيعية ، وتنوعها الأحيائي الذي أضاف أهمية عالمية على هذه الشواطئ والجزر التي كونها ملاذاً لأنواع الكائنات التي  يتهددها خطر الانقراض ناهيكم عن الكائنات البحرية الكثيرة والمتنوعة إضافة إلى الموارد البيولوجية ..فالكائنات البحرية والمناظر الخلابة والطبيعة البيولوجية تؤهل بيئتنا البحرية لتصبح متحفاً طبيعياً ..
إضافة إلى التنوع الأحيائي الذي تنتعش به بيئتنا والتنوع الأحيائي هو تعدد أنواع الكائنات الحية وكثرتها وتباينها في مختلف النظم البحرية والبرية والجوية .
ومن أهم الموائل البحرية :

الشعاب المرجانية :إن الشعاب المرجانية بألوانها الزاهية تتيح فرصاً جيدة للاستمتاع بكنوز البحر ومياهه الدافئة , لذلك فهي تشكل أهمية بارزة جداً , فالدراسات البيئية شاهدة على هذا الأمر حيث قدرت أن الشعاب المرجانية تأوي أكثر من 25% من الحيوانات البحرية,وهي تسهم صحياً في علاج الكثير من الأمراض ,كما أثبتت الدراسات المسحية التي قامت بها وزارة البيئة والشوؤن المناخية (أن أنواع الشعاب المرجانية التي تم حصرها في السلطنة تبلغ 130 نوعاً تنتشر في سواحل السلطنة)


أشجار المانغروف :هي نوع من النباتات شاطئية تعيش على الماء المالح يطلق عليها أيضاً (القرم ) والقرم ليس مفهوم لشجرة واحدة إنما عبارة عن مجموعة من النباتات المزهرة في الساحل أو الجزر,  وتتميز السلطنة بوجود غابات كثيفة من هذه الأشجار ,تتباين أنواع هذه الأشجار فمنها من يتميز بالخشبية الصلبة التي تصنع لها المقاومة العالية لتحلل والتعفن وأخرى مقاومة للملوحة لتتعايش مع بيئتها المالحة حيث تحتوي على غدد ملحية تمتص الأملاح وتختزنها في الأوراق التي سوف تسقط بعد حين ..وتكمن أهمية أشجار المانغروف في أنها :
-        تساعد في تثبيت التربة
-        مأوى للأسماك والكائنات البحرية
-        مأوى لتعشيش الطيور ، و مصدات للرياح

ومن الجدير بالذكر أن أشجار المانغروف قد لاقت اهتمام من الحكومة العمانية التي دائما ما تحرص على البيئة وصون مواردها فقد أصدرت مجموعة من القوانين والتشريعات إيماناً بأهمية هذه الاشجار في التوازن البيئي لاسيما أنها حضانة للأسماك ذات القيمة التجارية إضافة إلى المناظر الجمالية التي تشكل وجهة سياحية ,تواجد أشجار القرم بكثافة في مختلف المناطق كخور شناص ولوى بمنطقة الباطنة ومنطقة القرم وبندر الخيران بمحافظة مسقط وكذلك خور جراما بالمنطقة الشرقية وجزيرة محوت بالمنطقة الوسطى وبعض الأخوار في محافظة ظفار.




الحشائش البحرية : هي تلك  الحشائش البحرية التي تنمو فوق الطبقات السفلية الطرية، وغالباً ما تكون أوراق النبات أعلى الأرض وترتبط بالسيقان والجذور أسفل التربة ومن الجدير بالذكر أن الحشائش البحرية  تصاحب بيئات أخرى مثل الصخور أو الطحالب الكبيرة أو الرمل أو المرجان وهذا ما يجعلها ممتزجة زاهية ..
 تشكل الحشائش البحرية أهمية بارزة تكمن في أنها :
-        تثبت تربة قاع البحر من التعرية.
-        ترسب وتراكم المواد العضوية والغير عضوية.
-        مصدر غذائي مباشر للحيوانات وملاذ ومأوى لها .

                     
الأراضي الرطبة: هي المناطق التي تغمرها المياه سواء  أكان كلياً أو جزئياً وتشكل وسطاحيويا مهما لمختلف الكائنات الحية لاسيما أنها تقدم خدمات بيئية أساسية كما أنها تعتبر مصدراً اقتصادياً وعلمياً لأنها امتزاج من التنوع الثقافي والبيولوجي .إن اختفاء  وتناقص هذه المناطق تدريجياً يهدد البيئة بالخطر لاسيما أن الأضرار غير قابلة للتصليح ,لذلك جعلت السلطنة اهتماما خاصاً بهذه المناطق بتصنيفها كمناطق محمية بحكم القانون ..
                                     
                                                                                                .



رسائل منسية تحت الماء..
.قال الله تعالى) ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) , هنالك رسائل منسية  تحت الماء لم يقرأها أصحابها,
الرسالة  الأولى : هناك شعب مرجانية تأن قسوة على ما يفعله بها البشر من ممارسات خاطئة أهمها تلوث البيئة البحرية  بالهيدروكربون الذي تعتبر من المواد التي تترسب مؤدية إلى دفن المرجان كما أن إقامة المباني تسهم بشكل كبير في هذا الأمر . كما يعتبر التلوث الزيتي خطير جداً لأنه يشكل طبقة على الصخر مما يحد من استقرار المرجان واليرقات الأخرى كما هو الحال في منطقة مسقط والمناطق الأخرى , كما أن الحكومة قامت بعدة حملات لتنظيف الشعب المرجانية وحمايتها , ولكن  لنلتفت قليلا عندما يغوص الإنسان ليقوم بتنظيف الشعب المرجانية فإنه غالباً ما يأكل ويرمي فضلاته هناك ويعود لجمعها مرة اخرى ويمر وقته وكأنه لم يفعل شيئاً..

الرسالة الثانية : إن ارتفاع تركيز غازات  الاحتباس الحراري  يؤدي إلى مخاوف كثيرة لأنها غالباً ما تحدث تغيرات في النظم البحرية التي تنذر بالوبال والثبور للكائنات البحرية . إن تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري واضطراب التغيرات المناخية  يولد صعوبة  الأحياء البحرية في التواؤم  مع هذه المشكلة ,مما يؤدي إلى هلاكها .
الرسالة الثالثة قلة الغطاء الطحلبي الذي يضمن حياة  الكائنات الحية البحرية ، فهو يعمل على توفير الأكسجين لها ..ومن الجدير بالذكر أن نموه غير المعتاد يسبب المد الأحمر أو الأصفر أو الأخضر الذي يؤدي إلى نفوق الكائنات البحرية ..
الرسالة الرابعة : التلوث البحري : يعرف التلوث البحري بأنه أي تغير كمي أو كيفي في الصفات الكيميائية أو الفيزيائية أو الحياتية لعناصر البيئة البحرية  مما سبب أضرار في حياة الكائنات الحية وهلاكها ..
ومن أبزر صور التلوث الملحوظة في السلطنة :
التلوث النفطي : كون أن النفط  من أهم صادراتها عبر البحر , وتتعدد مصادر التلوث البحري :
-ارتطام ناقلات النفط بالشعاب المرجانية أو ببعضها البعض أو غرقها.
-  الحوادث التي تقع أثناء عمليات الحفر والتنقيب في البحار والمحيطات
-تسرب النفط إلى البحر أثناء عمليات التحميل والتفريغ
-إلقاء مياه غسل الخزانات بالناقلات بعد تفريغها في البحر.
                                                      
تؤثر التلوث النفطي على عمليات صيد الأسماك وعلى الهائمات النباتية والطحالب والرخويات والقشريات والشعاب المرجانية وأشجار القرم وغيرها من الكائنات البحرية ..
وهناك لازالت الكثير من الرسائل المستغيثة  المدفونة في أعماق البحار منتظرة من يقرأها ويعمل بها ..
إن الموارد البحرية تعتبر مورد متجدد ومستمر اذا لم يتم استنزافه بكثرة ..لذلك جاءت الحكومة بتشريعات وخطط واستراتيجيات للحفاظ على هذه الموارد والحد من استنزافها وضمان حق توافرها لباقي الأجيال, وتحقيق مفهوم التنمية المستدامة  .وقد ضمت الاستراتيجية الوطنية لحماية البيئة العمانية مجال الثروة السمكية ومن أهم السياسات التي جاءت تنميها هي :
تحسين المعارف عنها , وتحسين وترشيد إدارة وصيد الأسماك وتطبيق القوانين المتعلقة بها .. كما تقوم المديرية العامة للشؤون البيئية والمناخية بمتابعة تنفيذ القوانين والنظم واللوائح وبرامج الاستراتيجية الوطنية ,كما تقوم بإعداد الخطط والبرامج لتكون منسجمة مع السياسات الوطنية والاتفاقيات الدولية في إطار الأهداف الأساسية للتنمية المستدامة ...
جهود الحكومة..
تمثلت جهود الحكومة في وزارة البيئة الشؤون المناخية من خلال :
-        ما تقوم به من سن القوانين والتشريعات البيئية وإجراء البحوث والدراسات ، وإعداد الخطط الكفيلة بحماية البيئة البحرية
-        تنفيذ خطط إدارة المناطق الساحلية وتأهيل الأخوار واستزراع أشجار القرم بمختلف محافظات السلطنة
-         تنفيذ خطط إدارة الشعاب المرجانية وإقامة حملات تنظيف لبيئاتها.
-        المراقبة المتواصلة للبيئة البحرية.
-        وضعت السلطنة خطة طوارئ لمكافحة التلوث الزيتي.
كما ركزت أيضاً  على أولويات العمل في حماية البيئة البحرية وإدارة المناطق الساحلية ومنع حدوث المزيد من التدهور في البيئة الساحلية ومعالجة المناطق المتدهورة، وإجراء الدراسات والبحوث للتأثيرات الحاصلة على المناطق الساحلية ومواردها الطبيعية                    
كما ينبغي على الفرد الحفاظ على البيئة البحرية
وعدم رمي المخلفات على الشواطئ واستشعار أن هذه الموارد تمثل ثروة اقتصادية متجددة ووجهة سياحية ..
والمشاركة في حملات التنظيف  ونشر الوعي لأهمية هذا الأمر ..                        

-أهم الاتفاقيات :

في سنة 2002م قامت المنظمة البحرية بتصنيف المنطقة البحرية الممتدة من رأس الحد إلى حدود السلطنة الجنوبية مع اليمن منطقة بحرية خاصة بهدف الحفاظ على نظمها البيئية ..
1)الاتفاقية الدولية للتنوع الأحيائي : نتيجة لتراجع التنوع الأحيائي بشكل كبير جداً بفعل الأنشطة البشرية ,
ولضرورة التعاون الدولي والإقليمي وبين المنظمات والحكومة , جاءت هذه الاتفاقية التي تهدف إلى
-         صون التنوع الأحيائي
-        استخدام الموارد الأحيائية بصورة مستدامة
-        اقتسام المنافع الناجمة عن الموارد الوراثية بصورة عادلة .
وقعت السلطنة على هذه الاتفاقية في عام 1993..
2) برتوكول قرطاجنة للسلامة الأحيائية :وقعت السلطنة على هذه الاتفاقية في عام 2003م , يساهم البرتوكول في حفظ واستدامة التنوع الأحيائي مع مراعاة هذه المخاطر على صحة الإنسان ..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اللغة ذاكرة الشعوب .

سؤدة الموبوئين ~

الجزء الثالث من رواية " أنا مريم"